افتتاحيات

افتتاحية يومية الشعب :في الخط الأمامي

نواكشوط,  24/03/2020
لا يبدو أن الكثيرين منا يدركون حجم وخطورة التحدي الوجودي الذي تعيشه البشرية منذ عدة أسابيع.. هذا ما يستشف من السلوك اليومي للذين ما زالوا يوثرون التجاهل والاستهتار، كأن الأمر يتعلق بشأن حياتي عادي، بل وتصل بهم الجرأة، إلى حد لي أعناق نصوص سامية من موروثنا الثقافي الأصيل، لتشريع تلك اللامبالاة والخلط بين الاتكال والتواكل واتخاذ الأسباب والإيمان بها..

وحدها طواقمنا الطبية الجديرة بالاحترام وفرسان أمننا البواسل أدركوا حجم التحدي، وتجاوبوا مع السلطات العمومية منذ اللحظة الأولى التي دقت فيها ناقوس الخطر..

إن هؤلاء الرجال والنساء يقفون في الخط الأمامي لمعركتنا ضد فيروس كورونا، يصلون الليل بالنهار، مسخرين الوقت والجهد، دون أن يغمض لهم جفن أو تتاح لهم فرصة التخلص من التعب والإرهاق.. متحلين بقدر غير قليل، من التصميم والشجاعة والإيثار ونكران الذات..

إنهم رأس الحربة في معركة لا هوادة فيها، تخوضها البلاد ضد عدو غير مرئي ومدمر، ويشاركون في رفع مستوى الوعي والرعاية الصحية، تحسبًا لأي تطور محتمل للوباء..

ويدرك الأطباء، والأخصائيون منهم أكثر من غيرهم، أنهم في تعاطيهم مع هذه الحالة أو تلك، خلال معاينة أو أثناء اختبار أو فحص طبي، أو لدى الحجز الصحي للقادمين من مناطق موبوءة، يعرضون أنفسهم لخطر جسيم، لكنهم يتسلحون لكسب معركتهم ضده، بالإيمان والصبر وقوة العزيمة مشرفين بذلك مهنتهم النبيلة التي تسهم كل يوم في إنقاذ الأرواح والتخفيف عن المرضى.

ومثل هؤلاء، يسهر أفراد القوات المسلحة وقوات الأمن، ليلاً ونهارًا، على سلامتنا، إنهم بشكل أو بآخر، يحموننا من أنفسنا ومن فوضويتنا وتزاحمنا غير المضبوط، الذي يشكل بيئة صالحة لهذا الفيروس.. هم بالإضافة إلى ذلك، يرابطون على الحدود وفي نقاط العبور، من أجل أن يظل الخطر بعيدا عنا وننام قريري العين.
إن ديننا الحنيف وقيمنا النبيلة ومصلحتنا العليا، يملون علينا أن نقدم أقصى تعاون ومؤازرة لهؤلاء وأولئك، معترفين لهم بالجميل ومسدين لهم الشكر والتقدير المستحقين، لكن علينا في الوقت نفسه أن ننصاع لتعليماتهم الصارمة وإرشاداتهم الهادفة، لأن انصياعنا طوق نجاتنا جميعا.

آخر تحديث : 24/03/2020 13:15:49